قانون الأحوال الشخصية العراقي ما زال حياً يرزق !

وليد عبد الحسين جبر

يعّد الكاتب رشيد الخيون من الكتّاب العراقيين المعاصرين الذين كانوا وما زالوا لديهم غزارة في الإنتاج والكتابة والتأليف وملاحقة الموضوعات الفكرية بالنقد والتعليق والتحليل .


 

وليد عبد الحسين جبر / كاتب وحقرقي عراقي


يعّد الكاتب رشيد الخيون من الكتّاب العراقيين المعاصرين الذين كانوا وما زالوا لديهم غزارة في الإنتاج والكتابة والتأليف وملاحقة الموضوعات الفكرية بالنقد والتعليق والتحليل .
وكتبه التي تصدر بين الحين والآخر لها جمهورها من القرّاء بحيث تتداولها المكتبات بأثمان باهظة فور صدورها.
وعن نفسي فإنني أتابع باستمرار ما يكتب سواء في مواقع الانترنت أو ما ينشر من كتب أو مقالات في الصحف .
إلا أنه صدمني في كتابه الصادر عن دار المدى ٢٠٢٢ بعنوان كتاب الأربعاء وهو مجموعة كبيرة من مقالاته الفكرية قام بجمعها وتبوبيها في الكتاب ، إذ كتب في الصفحة (268) منه مقالا بعنوان : قانون الإرث .. تونس ٢٠١٨ العراق ١٩٥٩ .
وتحدث فيه عن تداعيات صدور قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم ١١٨ لسنة ١٩٥٩ وكيف جوبه بانتقادات ومواقف دينية آنذاك نتيجة أحكامه في مساواة الولد والبنت بالإرث، وكيف أن الحكومات ما بعد ١٩٦٣ قامت بتعديل هذه الأحكام  إلى غير ذلك من الأحداث التاريخية المعروفة لدى العراقيين .
غير أن كاتبا بحجم رشيد الخيون لا أرى يستعصي عليه الضغط بزر البحث في غوغل ومعرفة هل أن قانون الأحوال الشخصية العراقي الغي عام ٢٠٠٣ أم ما زال نافذاً !
أو أن يستشير خبيرا قانونيا عراقيا ويستفسر منه عن ذلك قبل أن يكتب مقاله و يسّوق معلومة فيه لا أساس لها من الصحة فيقرأها القارئ العربي أو حتى العراقي غير المختص و يظن أن ذلك حصل وهو ما لم يحصل وسأبين سبب خطأ الخيون في إيراد هذا الاستنتاج بعد أن أورد بالنص ماذا قال .
حيث ذكر في نهاية الصفحة (268 :  وبعد (2003)، جاء الدستور العراقي على إلغاء القانون كلية أي عدم وجود قانون للأحوال الشخصية  فكل مذهب وديانة مسؤولة عن الأحوال الشخصية لمنتسبيها!) ثم يعود في الصفحة التالية متسائلا : (والسؤال: كيف أن العراق الذي سبق تونس بستين عاماً، وفي هذه المادة بالذات، ولم تخضع حكومته للقوى الدينية آنذاك، مع قوتها، يأتي على إلغاء تلك المادة، ثم القانون بمواده كافة ؟! فالقانون استمر بالتعديل حتى سقوط الدولة برمتها (2003)، وفي كل تعديل تقرض منه مادة لمصلحة المرأة، وتضاف إليه مادة جديدة تتنافى مع المساواة والحقوق، بما يخص الزواج والطلاق. فهل العراق تأخر وتونس تقدمت).
والحال أن قانون الاحوال الشخصية رقم ١١٨ لسنة ١٩٥٩ لا زال نافذا ولم يعدل أيا من نصوصه بعد عام ٢٠٠٣ ولا زالت المحاكم العراقية تسير وفقا له دعاوى الأحوال الشخصية ، وسبب هذا الخلط الذي وقع فيه الكاتب هو المادة( 41) من الدستور العراقي : 
( العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون.) إلا أن هذه المادة الدستورية لا زالت معطلة فلم يشّرع البرلمان العراقي قوانين للأحوال الشخصية كلا حسب ديانته ومذهبه ومعتقده واختياره ، فبقي الحال على ما كان عليه قبل ٢٠٠٣ ، وكان الأولى بالكاتب الخيون وهو المدقق والمحقق  في التاريخ ألا يسرد استنتاج خاطئ عن قضية مهمة في بلده فيصوره للعرب إنه تراجع و ألغى قانون الأحوال الشخصية وعاد إلى حكم المذاهب ومجلة الأحكام العدلية !
هذه البديهيات القانونية يخطئ فيها غير المتخصص في القانون ولكن أكرر كاتب ضخم بحجم الأستاذ رشيد الخيون ما كان له ذلك نتيجة سعة إطلاعه وعلاقاته وجولاته ومنافذ المعرفة لديه ، على العموم أحببت أن أسجّل تعليقي على مقالته رعاية للوعي والثقافة وتصحيحا للزلل والخلل الذي جلّ من لا يقع فيه .
 

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق