اللغة أعقد العلوم

رحاب يوسف

يقومُ المَذهَبُ الطبيعيُّ على افتراضٍ أساسيٍّ يُفيدُ بأنَّ اكتسابَ الفَردِ للُّغَةِ يَتِمُّ فِطريّاً، وأنَّ جميعَ الأفراد يُولَدون ولديهم أداةٌ تُهَيِّئُهم لاكتساب اللغة وإدراكِها بطريقةٍ مُنَظَّمَةٍ.

رحاب يوسف / كاتبة فلسطينية

 

يقومُ المَذهَبُ الطبيعيُّ على افتراضٍ أساسيٍّ يُفيدُ بأنَّ اكتسابَ الفَردِ للُّغَةِ يَتِمُّ فِطريّاً، وأنَّ جميعَ الأفراد يُولَدون ولديهم أداةٌ تُهَيِّئُهم لاكتساب اللغة وإدراكِها بطريقةٍ مُنَظَّمَةٍ. 
  يقول (لينبرغ): إنَّ اللغَةَ سُلوكٌ يتميّزُ به الجنسُ البَشَريُّ عن غيره من المخلوقاتِ، مُضيفاً أنَّ الإدراكَ والقُدُرات المُتَنوّعة تَرتَبِط بالنواحي البيولوجيّة عند الفرد، ويرى عالِمُ اللسانيّات "نعّوم تشومسكي" في نفس الاتّجاه وجودَ مِيزاتٍ فِطريّةٍ تُفَسِّرُ مَقدِرَةَ الطفل على إتقان لُغَتِه الأولى في وقتٍ قصيرٍ، وأن هناك حقيقةً عقليّةً تَكمُنُ ضمن السلوك العقليّ، فكُلُّ أداء كلاميٍّ يُخفي خلفَهُ مَعارِفَ ضمنيةً، وتُعتَبَرُ اللغَةُ في ظلّ المبدأ العقليّ تنظيماً فريداً من نوعِه، تستَمِدُّ حقيقتَها من كونها أداةً للتعبير والتفكير، وميَّزَ تشومسكي بين اللغةِ والكلام، حيث أنَّ الكلامَ عَمَلٌ، واللغةُ حُدودُ هذا العملِ، والكلامُ سلوكٌ واللغةُ حدود هذا السُلوكِ، والكلامُ نشاطٌ واللغةُ قواعد هذا النشاط، والكلامُ حَرَكَةٌ واللغة حدودُ هذه الحركة، والكلام يُحَسُّ بالسمعِ نُطقاً، وبالتعبير كتابةً، واللغة تُفهَمُ بالتأمُّل بالكلام. 
   وأكد تشومسكي أنَّ اللغةَ مَهارَةٌ مفتوحةُ النهايات، وتَصِلُ قُدرَةُ مُتَحَدِّث اللغة إلى عددٍ غير نِهائيٍّ من الكلماتِ والجُمَل المُمكِنَة في اللغة التي يتحدثها، ويُمكِنُ لمُستَخدمها أنْ يُصدِرَ تعبيراتٍ مُختلفةٍ - لأوّلِ مرّةٍ - دون أن يكونَ له سابقُ مَعرِفَةٍ بها.
  لقد اعتبر الفيلسوف "ويتينستاين" اللُّغَةَ هيَ الفلسفةُ، وأنّها ترتبطُ بأفكار الإنسان ارتباطاً وثيقاً، فيَصيغُها بقوالبَ لُغَويَّةٍ تتحوَّلُ إلى واقعٍ، حتى في حالة التفكير الباطني. 
 اللغةُ هي وسيلةٌ للتواصُلِ والاحتكاك بين البشر، وهي أهمُّ أداةٍ لاكتساب المعارف، والتي مَيَّزَ بها اللهُ - سبحانَه وتعالى - الإنسانَ عن سائر المخلوقات عن طريق جيناتٍ مُعَيَّنةٍ، فالطفلُ في مُدَّةٍ أقصاها أربعِ سنين يُمكِنُه إتقانُ اللغَةِ، لكنَّ الحيوانَ الأليف لو عاش معكَ سنينَ لا يُمكِنُه إتقانُها، يُمكِنُه إطلاقُ رُموزٍ ونداءاتٍ، لكنّها ليست لُغَةً، لذا استغلالُ السنوات الأولى مُهِمَّةٌ لإشباع الطفلِ لُغَويّاً، تقول النظريّةُ الوظيفيّة: "إنَّ جوهَرَ ارتقاءِ الكفاءة نتيجةُ التفاعل بين الطفل وبيئَتِه"، بينما يؤكِّد نعوم تشومسكي وجودَ تنظيماتٍ موروثَةٍ تُساعِدُ على اكتساب اللُغَةِ، والتي لا تَتَّفِقُ مَعَ نَظَريّة التعلّم التي تقول: "إنَّ اللُّغَةَ تُكتَسَبُ عن طريق التقليد، والتشكيل، والتعزيز، والتدعيم للكلمات التي يَنطِقُ بها الطفلُ في سياقاتٍ موقفيّةٍ"، ويرى "بلوم" أنَّ هناك اتجاهاتٍ عالميّةٍ سائدةٍ تُؤثِّرُ على طبيعة اللُّغَةِ، وإعدادِها مُسبَقاً في برامج التعلُّم، وهي أنَّ كافَّةَ اللُّغاتِ المنطوقَةِ لها مَجموعَةٌ صوتيّةٌ تُمَثّلُ الحَرَكات الساكِنَةَ والمُتَحَرِّكَةَ، وتشتركُ اللغاتُ الإنسانيّةُ أنَّ لها العلاقات النَحويَّةَ نفسَها، والتي تُشيرُ إلى وظائِفِ المُفرَدات اللُّغَويّةِ، وأنَّ الأطفالَ يَمُرُّون بالمراحلِ نَفسِها - بغَضِّ النَّظَر عن اللُّغَةِ التي يَتَحَدَّثونَها مع تَقَدُّم أعمارِهم - ولُغاتُ البَشَرِ المَعروفة تَنحَصِرُ في: "فِعلٍ، وفاعلٍ، ومَفعولٍ به"، وقُدُراتُ تعلُّمِ اللُّغَةِ أمرٌ مُرتَبِطٌ بالإنسان، وأكَّدَ "بياجه" من جِهَتِه أنَّ اكتسابَ اللغَةِ يَرتَكِزُ على الاحتكاك، أو التفاعل بين التَّطَوُّر المَعرفيِّ والإدراكيِّ لدى الفَرد، وبين الأحداث.
 مِن أهَمِّ التَّحَدِّياتِ والإشكاليّات التي تُواجِهُها اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ هو كيفيّةُ تعليمِها للأطفالِ والطلّابِ، وجَعلِهِم يتَغَنَّون ويَفخَرون بها، فلا نُنَفِّرُهم منها بالتركيز على النحو والصَّرف - ما نَدرُسُه في المدارِس الفُصحى - فالطريقَةُ التي نُدَرِّسُ بها ثَقيلَةٌ ومُثقِلَةٌ على الطلاب، فالحصّةُ أربعون دقيقة، يقضيها مُعَلِّمُ اللُّغَةِ في تفكيكِ النَّصِّ وتفتيتِه نَحويّاً وصرفيّاً، فتَتَحَوَّلُ حِصّةُ التذَوُّقِ والجمال إلى حِصّةِ رياضياتٍ، فيَخرُجُ الطلّاب إلى الحياة دون نَحوٍ ولا صَرفٍ ولا لُغَةٍ، نَسوا أنَّ اللُّغَةَ عاطفيَّةٌ وجدانيَّةٌ، يَجِبُ أن تُدَرَّسَ من خلال النصوص، والقِصَص، والرواياتِ الجميلة. 
  انظُرْ إلى الكاتبِ والقاصِّ "كامل الكيلاني"، إنَّهُ رَجُلٌ قضى عُمرَهُ في خِدمَةِ اللُّغَةِ، وكتابَةِ قِصَصِ الأطفال، كان يُسَمِّيه أحمد شوقي عَقرَبَ الثواني، كان يَنشُرُ في كُلِّ أُسبوعٍ كتاباً، وأحياناً كتابين! كان رائِدَ قِصَصِ الأطفال التي تربّى عليها جيلان أو أكثرَ، ومنها اكتسبوا اللُّغَةَ الصحيحةَ، والفِكرَ السليمَ، والخَيالَ المُجَنِّح، أَحَبَّ اللغَةَ حُبّاً كبيراً، مما جَعَلَهُ يرفَعُ الصوتَ عالياً، مُطالِباً بعدم تدريس النَحوِ والصَّرفِ للأطفال، وعدم التَّطَرُّقِ للإعراب، فما يحتاجُهُ الطفلُ هو أنْ يقرأ القِصَصَ، فتَعَلُّمُ اللُّغَةِ ليس فقط من جِهَةِ المَبنى، والنَّحو، والصرف، فأقوى سلاحٍ يُمكِنُه أنْ يُسَلِّحُ المعلمُ طُلّابَه به هو اللغة، وكيف يصيغها صياغةُ سليمةً، ويسبِكُهُا سَبكاً سليماً بعيداً عن التعقيد، فالتعقيدُ له ظروفُه وأوضاعُه. 
   إنَّ امتلاكَ مَخزونٍ كبيرٍ من المُفرَدات الدينيّة، والاجتماعيّة، والوطنيّة، والتاريخيّة، والرومانسيّة، والفُكاهيَّةِ، يُساعِدُ على حَلِّ المُشكِلاتِ، وتحسينِ العلاقاتِ الاجتماعية، وتحسين وظائِف الدِّماغ، إلى جانب مَهاراتِ العَمَل والإبداع، وتعلُّمِ اللغاتِ بشَكلٍ عامٍّ، يُعزِّزُ إيجادَ فُرَصٍ للمُشارَكَةِ في الأعمال التّجاريّة، والطّبّ، والقانون، والتّكنولوجيا، والصّناعة، والتّسويق، ويعزّز مهارات الاستماع، تَعَلُّمُ اللّغات يُتيحُ للفرد التَّعَرُّفَ على ثقافاتٍ جَديدَةٍ، ويُمكّنُه من تبادُل الخِبراتِ والمعرفةِ بينَه وبين الآخرين؛ مما يُعَزِّزُ الوعيَ الثّقافيّ، وعن طريق الثّقافة يتمكّن الشّخصُ من بِناءِ عَلاقاتٍ مع النّاس في مختلف مناطق العالم، إلى جانبِ تِعِلُّم احترام القِيَمِ، والأعراق، والثّقافات المُختلفة.
   أُعجِبَ ابنُ المُقَفَّعِ ببلاغَةِ القُرآن الكريم، ولمّا يُشهِر إسلامَهُ بَعدُ، فصَنَعَ كلاماً، وجعل له فَواصِلَ وفِقَراً، وبينما هُوَ ماشٍ في طريقِه سَمِعَ غُلاماً يقرأ: "وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" هود (44)، فقال: ما هذا من كلام البَشَر، وعاد فمحا ما كان كُتِبَ، وفي هذه الآيةِ صورَةٌ تحكي نهاية قصة الطوفان في تَسَلسُلٍ دراميٍّ بديعٍ، وفي إيجازٍ مُعجِزٍ، "وإنَّ أعلاهُ لمُثمِرٌ، وإنَّ أسفَلَهُ لمُغدِقٌ، وإنَّه ليَعلو ولا يُعلى عليه"، فِهمُكَ للضاد يُساعِدُكَ في فَهمِ القُرآن الكريم، وفَهم إعجازِه، فهي وعاءُ الإسلام، ومُستَودَعُ ثَقافَتِه، وتاريخِه، وحَضارَتِه، يقول عُمَر عبد الكافي: "القُرآن الكريمُ بين جلالٍ وجَمالٍ، وأنّه مُعجِزٌ في كُلِّ مَناحي الإعجاز، في بيانِهِ و ألفاظِه"، تَجِدُ كُلَّ جوانب الإعجاز التشريعيِّ والتَّربَويِّ و العِلميِّ واضِحَةٌ في كلِّ كتاب الله، فالرسمُ القرآني: من حذفٍ، وإضافةٍ، ومَدٍّ، ووَقفٍ، ووَصلٍ، ليس من اجتهادات الأشخاص، رسمُ الكَلِمَةِ في المُصحَف إعجازٌ يَقِفُ الإنسان أمامَهُ مُسَبِّحاً بحمد الله، والأمثِلَةُ في القُرآن الكريم كثيرةٌ، تحتاجُ إلى شَرحٍ طويلٍ، سأذكرُ باباً كَتَبَ فيه الكثيرون من عُلَماء السَّلَف، كَلِمَةُ "يهدين"، تارةً تراها بياءٍ، وتارَةً بدون ياءٍ، قال تعالى: "وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا " الكهف (24)، وقال تعالى: "وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ" القصص (22)، في سورة القَصَص جاءت كَلِمَةُ يهديني بياءٍ؛ لأنَّ سيدنا موسى – عليه السلام - يُريدُ الالتجاءَ إلى الله، فيَمُدُّ الفعلَ (يهديني) ليَدُلَّ على مَدى أَمَلِهِ أنْ يَهدِيَهُ اللهُ في صَحراءِ سيناءَ، ليَعُودَ إلى أمّه، وعلى رَجائِهِ الكبير في الصحراء، أما في سورة الكهف (يهدين) بدون ياءٍ، لأنّه يَطلُبُ هدايةً معنويّةً لا حِسِّيَّةً، فالهدايَةُ التي يتمنّاها الإنسانُ في داخله لا يراها الآخر، فتكونُ مُستَكِنَةً، وكلاهما هدايةٌ.
   في المُصحَفِ سَتَجِدُ كلمة (التلاق) في سورة غافر: "لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ" غافر (10)، ليس فيها ياءٌ، و "وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ" غافر (32)، ليس فيها ياءٌ أيضاً، فالقرآنُ وَضَعَ قَواعِدَ للبلاغَةِ، سارَ البلاغيّون خَلفَها، إنَّ الحَدَثَ إذا لم يكتملْ اقتُطعَ جُزءٌ منه، كما جاء في سورة الكهف: "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا" الكهف (97)، ليس فيها تاءٌ؛ لأنَّ الحَدَثَ لم يكتمل.
   اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ عَجيبَةٌ في نُطقِها، فما بين فَتحَةٍ وضَمَّةٍ يَتَغَيَّرُ المَعنى فرق السماء والأرض، أنت تَقولُ: (الحَمام) بفتحِ الحاء، أي الطيرَ يَطير إلى أعلى، وعندما تَكسِرُ الحاءَ تُصبِحُ (المَوت)، والموتُ إلى أسفل، وتقولُ العَرَبُ (خُطبةٌ) فيها ارتِفاعٌ على المِنبر، و(خِطبةٌ للزواج) مَكسورَةٌ؛ لأنَّ فيها تَذَلُّلُ الوَلَد لوالِد العَروس، جاء على لسان بَلقيس: "قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ" النمل (32)، الملأ هنا مُحتَرَمٌ مُكَرَّمٌ، فجاءت الهَمزةُ على واوٍ، ولأنّهُ مَلأٌ مُكَرَّمٌ تستشيره بَلقيس، وقولُه تعالى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ*إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ۖ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ" هود (96 – 97)، دلالةٌ على بلاغَةِ إعجازٍ عَظيمٍ، همزةُ ملأ عند فِرعون مكسورةٌ؛ لأنَّ مَلأهُ تافِهٌ لا يأخذُ رأيَهُم، أما الهمزَةُ عند ملأ بلقيسٍ مرفوعَةٌ لأنّه مَلأٌ مُحتَرَمٌ يُؤخَذُ رأيُه.
  أيُّ جَمالٍ ودِقَّةٍ في آيات الله - سبحانه وتعالى - حينما تَكَلَّمَتْ عن المرأةِ، وكيفَ أعطتْها حُقوقَها، وصانتْها، وحَمَتها، والمعروف أن البيتَ مُلكٌ للرَجُل، ولكنَّهُ في القرآن الكريم بيوتٌ للزوجات، قال تعالى: "لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ" الطلاق (1)، لقد جاءت كَلِمَةُ (بيوتِهِنَّ) مُقتَرِنَةً بالمرأة، وكأنَّ الآيةَ الكريمةَ تُطيِّبُ خاطِرَ المَرأةِ، وتُراعي مَشاعِرَها، وتَمنَحُها قدراً عظيماً من الاحترام والاهتمام، وفي آيةٍ أخرى قال تعالى: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ" يوسف (23)، فامرأةُ العزيزِ تُراوِدُ سيِّدَنا يُوسُفَ – عليه السلام - وتَهُمُّ بالمَعصِيَةِ، ورغم ذلك لم يَقُل اللهُ - عزَّ وجلَّ – (وراوَدَتهُ امرأةُ العزيز)، وقال تعالى: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ" الأحزاب (33)، وقال تعالى: "وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا" الأحزاب (34)، أليست هذه البيوت للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ لكنها نُسِبَتْ إلى نِسائِه، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ" الطلاق (1)، تبقى آيةٌ واحدةٌ لم يُنسَب فيها البيتُ للمرأة، وهي: "وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا" النساء (15). 
   يقولُ الأديبُ والكاتب المصريّ "عبد الوهاب عزام": "العربيَّةُ عجيبةٌ، تكاد تُصَوِّرُ ألفاظُها مَشاهدَ الطبيعة، وتُمَثِّلُ كَلِماتُها خَطَرات النفوس، وتكاد تَتَجَلَّى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنَّما كَلِماتُها خطَواتُ الضمير، ونَبَضاتُ القلوب، ونَبَراتُ الحياة".

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق