ماذا تعني لنا لبنان

وليد عبد الحسين جبر

 


وليد عبد الحسين جبر /كاتب وحقوقي عراقي

 

في بدايات تسرب وعيي لمستُ ذات يوم كتاباً جميلاَ جدا لا أتذكر عنوانه أو اسم كاتبه، غير أنني أعجبتني طباعته وغلافه و ألوانه فسألت بائع الكتب عن سعره ، فكان سعرا مغاليا فيه جدا بحيث جميع ما في حوزتي من مال لا يكفي لشرائه، فقلت له غالي جدا ، قال نعم لإنه طبعة بيروت ، وهكذا ترسخت في ذهني وذاكرتي أن بيروت الأولى في طباعة الكتب و إخراجها بأجمل ما يكون والكتاب الذي أحصل عليه بطباعة بيروتية أكون بخيلا جدا بإعارته أو مطالعته دون اهتمام .
ثم بعد سنوات تعرفت بطريق المصادفة على شخصيات لبنانية عبر الإعلام سواء دينية أو ثقافية ، واستمعت إلى الخطاب اللبناني غير المتطرف حتى الديني منه ، وسرقتني اللهجة اللبنانية من لهجات العرب جميعا ، وكم تمنيت زيارة لبنان بسبب هذا الحب العذري لها ، غير أنني حالت بيني وبين هذه الأمنية الظروف والأعمال والاحداث ، قرأت الشعر اللبناني والأدب والرواية  حتى وقفت طويلا أمام جبران خليل جبران منذ أن كنت في الدراسة الثانوية ، كل ذلك جعلني أحب كل شيء لبناني، حتى أسميتها ذات مرة أوربا العرب وعاصمتهم .
ما حصل للبنان تاريخيا حينما طالعته في الكتب التاريخية أثار حزني والمي ، وما شهدته في عام ٢٠٠٦ وما بعدها أدمى جراحي ثانية ، وما أشاهده الآن من مآس جعلتني أصادق على ما يتفضل به بعض الكتّاب ورجال القانون من أن القانون الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن كذبة كبرى من وجهة نظري لا نصيب لها من الواقع شيئا ، وإلا فأين هم من مآسي لبنان ومجازرها وانتهاك أبسط مبادئ حقوق الإنسان فيها .
أين العرب بالدرجة الأساس و حتى من تبرع بمال أو غذاء أو موقف دبلوماسي فهذا واجبه وما زال مقصرا تجاه جميلة العرب، ولا أدري أي عروبة أو دين تقبل وترضى أن يدنس الأغراب أرضها ونقبل السكوت والخنوع .

إزاء هكذا واقع ، تكون كل قصائد أحمد مطر ومظفر النواب ونزار قباني ومحمود درويش وغيرهم التي تجلد الضمير العربي قاصرة عباراتها عن وصف الحال.

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق