دور الأدب الأخلاقي في إصلاح المجتمع
عبد الكريم حمزة عباس
عبد الكريم حمزة عباس |ناقد عراقي
الأدب الأخلاقي: هو شكل من أشكال الكتابة الذي يهدف إلى إستكشاف القضايا والمشاكل الأخلاقية المجتمعية ويلهم القارئ للتفكير في القيم الإجتماعية مثل الحق والحرية والعدالة والتسامح والصدق والرحمة والكرم وغيرها بحيث تثير عواطفه للتفكير فيها بعمق.
ويمكن لهذه المشاعر أن تحفز القارئ على معرفة المزيد عن شخصيات ومواقف وموضوعات السرد الأخلاقي الذي ينتمي إلى الأدب الأخلاقي.
إن السرد الأخلاقي يشجع على إتخاذ المعايير الأخلاقية كمرجعية للتصرف الإنساني، وكما هو معروف أن الخيال يتميز بفضيلة تقديم عوالم متخيلة واضحة تسود فيها قيم أخلاقية
معينة تلقي ضوء جديدا على تلك القيم، وكلما كانت هذه العوالم المتخيلة أكثر عقلانية، كلما تمكن القارئ من تقييم عدالة تلك القيم. وبقدر ما يتميز السرد الأخلاقي بأهمية أخلاقية مثالية، فإن هناك من يشكك في قدرته على استيعاب وتحويل الخطاب السردي إلى خطاب أخلاقي حقيقي. وفي المقابل هناك من يؤمن أن الأدب الأخلاقي يمكن أن يوسع من خيال القارئ من خلال اطلاعه على مشاكل عديدة وحلول متنوعة ممكن من خلاله أن يتخيل القارئ كيف يتصرف لو كان مكان شخصية السرد وتجربة تحدياتها و عواقب تصرفاتها وتوقع الإحتمالات والنتائج السلبية.
كما يرى البعض الآخر أن الأدب الأخلاقي يعزز الحوار الأخلاقي داخل المجتمع من خلال تزويد القراء بأرضية ولغة مشتركة للتواصل وتبادل وجهات النظر حول القيم الأخلاقية المجتمعية.
وغالبا ما يقدم السرد الأخلاقي وجهات نظر حول القيم الأخلاقية وذلك بإستخدام شخصيات تواجه خيارات صعبة مما يجبر القارئ على مواجهة تعقيدات إتخاذ القرار الصائب، وتختلف هذه المعضلات الأخلاقية بين مشاكل شخصية مثل المصلحة الذاتية والايثار ومعضلات مجتمعية أوسع نطاقا مثل الفرق بين الحرية الشخصية والمسؤولية الاجتماعية من خلال دراسة هذه الخيارات.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك روايات تتخذ فيها الشخصية خيارا أخلاقيا صعبا، ولكن إتخاذ هذا القرار الأخلاقي في السرد الروائي لا يعني بالضرورة أن السرد الأخلاقي فيها مناسب لأن يكون قدوة أخلاقية، فالكثير من هذه الروايات تتخذ نبرة وعظية تعليمية تقليدية وتوضح على طول الخط ما يعتقد صوت السرد أنه التصرف المثالي الذي ينبغي القيام به وتتخذ فيه الشخصيات قرارات سريعة غير مدروسة ويتم اتخاذ الحلول بشكل سريع حيث يتم مكافأة الخير ومعاقبة الشر بشكل تقليدي، ومثل هذا السرد لا يثير إهتمام القارئ بشكل كبير.
ويرى بعض النقاد أن قراءة الروايات الأخلاقية تعمل على تحسين قدرة الشخص على تمييز مشاعر و نوايا الآخرين وهي المهارة التي تشكل جوهر فهم العلاقات الاجتماعية المعقدة في عالم متعدد الأوجه والثقافات مثل عالمنا المعاصر.
وأخيرا فإن الأدب الأخلاقي يمثل أداة قوية للتعليم الأخلاقي المجتمعي لكونه يقدم دروسا أخلاقية مهمة من خلال السرد المثير للتفكير والشخصيات التي يمكن التعاطف معها والتي تحفز القارئ للتفكير في المبادئ والأخلاق المثالية ويمكن لهذه التأملات أن تعزز نمو الشخصية الذاتي و تساعد في إعادة بناء مجتمع أكثر أخلاقية.
ارسال التعليق