نخيل عراقي والجواهري وباسكال مشعلاني
د. مجاهد ابوالهيل || باحث عراقي
د.مجاهد أبوالهيل / مؤسس منظمة نخيل عراقي الثقافية
بعد أن نفضت منظمة نخيل عراقي عن أكتافها غبار الحملة القاسية التي استهدفتها منذ خمسة أيام بلياليها من قبل النخب الثقافية والاعلامية بسبب تكريمها لنخبة من النجوم والمشاهير العرب الذين حلوا ضيوفاً على المنظمة قبل أيام، بنسخة من ميدالية شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري التي صنعتها نخيل عراقي لتكريم ضيوفها من النخب الثقافية والفنية العربية والعالمية التي تزور العراق بالإضافة إلى النخب العراقية التي لم تبخل المنظمة على واحد منهم بتكريماتها واحتفائها بهم منذ حفل إطلاقها نهاية العام 2018 ولغاية الآن، اذ حضر الجواهري حفل الافتتاح ولأول مرة بعدد من تماثيله النصفية التي قدمتها نخيل عراقي لعدد من رواد الثقافة والفن والاعلام يتقدمهم الشاعر الكبير ياسين طه حافظ والشاعر الكبير موفق محمد والفنانة أمل خضير وعواطف نعيم وفاطمة الربيعي وأستاذة الاجتماع الدكتورة لاهاي عبد الحسين وآخرين.
أسعدتني الهجمة المنظمة التي تعرضت لها منظمة نخيل عراقي الثقافية والفنية، بقدر ما احزنتني الاسماء المعروفة وبعض الاصدقاء الذين تلقفوا هذه الحملة وتماهوا معها دون أن يكلفوا أنفسهم بالتواصل معي لفهم فلسفة نخيل من هذا التكريم ولماذا اختارت الجواهري ايقونة لها، ما جعلني سعيدا هو أن نخيل عراقي استنهضت الجواهري المنسي في كتابات ومنشورات النخبة التي لم تكلف نفسها بطرح الاسئلة عن سبب غياب الجواهري عن الجوائز والتكريمات التي تقدمها المؤسسات الرسمية والخاصة والاكتفاء بدروع واهية لتقديمها هدية لضيوف العراق، كما اسعدني كثيرا أن الجواهري الرمز والأيقونة أيقظ حمّية العراقيين للدفاع عنه بعد ان دنسته منظمة نخيل عراقي -من وجهة نظرهم طبعاً- حينما وضعته بيد نجوم ومشاهير يتابعهم ملايين العرب والعراقيين، الذين شاهدوا فنانة بحجم باسكال مشعلاني التي يُعد الشعر مادتها الاساس في الفن والاعلامية المهمة رابعة الزيات التي لم تبخل على عدد من المثقفين العراقيين بإستضافتهم في برنامجها الثقافي ونسرين طافش ابنة الشاعر الفلسطيني المعروف يوسف طافش صاحب الاربعة دواوين شعرية وغيرهم من الضيوف العرب كالفنان الكبير دريد لحام وأيمن زيدان وسُلاف فواخرجي والشاعر العربي شوقي بزيع الذين أهدتهم نخيل عراقي نسخة من ميدالية الجواهري أو تمثاله تعبيراً عن اعتزازها بشاعر العرب الاكبر وتماهياً مع التقاليد العالمية بتكريم المبدعين وتحويلهم إلى الفضاء العام من خلال طبع صورهم وقصائدهم على القمصان وكؤوس الماء وفناجين القهوة والشاي وميداليات المفاتيح التي تباع بالاسواق والمطارات وهي تحمل اسماء كبيرة لا تقل عن الجواهري العملاق، وغير ذلك من اشكال التسويق.
لست خائفا من هذه الهجمة على نفسي لأنها ليست جديدة على واحد مثلي فقد أخطأتني فوهات اقلام الجيوش الالكترونية لعدة مرات، بقدر خوفي على العراق ونخبه الثقافية التي أصابتها عدوى المحتوى الهابط والمسيء لضيوف الوطن الذين يعودون لبلدانهم محملين بالحنين لبلاد الرافدين وأهلها كما انعكس ذلك في صفحاتهم المليونية على وسائل التواصل الإجتماعي، ولم يعودوا بالاموال كما يعتقد بعض الحمقى الذين يظنون أن الفنان والمثقف لص شره لا يقبل إلا بالعطايا المالية.
ليس مقبولاً ان تنجر النخب الى منطقة السلوك الجمعي على مواقع التواصل الإجتماعي لاستخدام لغة جديدة على المثقفين الذين اصبحوا شتامين وسبابين وقطاع لطرق النجاح دون ان يتثبتوا من حقيقة الأمور .
اخيراً اقول لهولاء الذين انبروا للدفاع عن الجواهري عليكم إعادة قراءة الجواهري من جديد، فهو أكثر من نزار قباني دفاعا عن المرأة وانحيازاً لها ابتداء من قصيدته "علّموها" التي تحدى بها تابوهات النجف وليس انتهاء بقصيدته :
هُزِّي بنصفِكِ واتركي نصفا
لا تحذَري لقَوامكِ القصفا
أو قصيديته المشهورة :-
بأبي أنت لا أبي
لكِ كفوٌ .. ولا أنا
كما اقول لهم ان نخيل عراقي مؤسسة ثقافية حقيقية وجادة قدمت الكثير والكثير للثقافة العراقية وساهمت في استعادة الثقافة كهوية وطنية بعد أن عانى العراق من تشظي الهوية وتعدد الهويات الفرعية، فلا تطيحوا بها وتستهدفوها بهذه الطريقة الظالمة، فأذا لم تستطيع أن تكُ عالياً مع نخيل فأجلس بفيئها سيساقط عليك ثمرها هوية وشعراً وثقافة وفنون.
ارسال التعليق