أوبك الطاقة المتجددة
د. نبراس المعموري/ رئيسة منتدى الإعلاميات العراقيات
رسمت الصين خطوات انتقالها إلى قائد عالمي في مجال استثمار مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، بعد ان استثمرت عام 2022 مشاريع جديدة، بما يفوق حجم استثمارات باقي دول العالم مجتمعة، وهو أمرٌ قد يسمح لنا بأن نطلق عليها "أوبك الطاقة المتجددة ".
ان هذا التفوق والانتقال كان مدروسا ومخططا له بشكل دقيق وفائق الذكاء فمن يراجع "استراتيجية ثورة إمداد واستهلاك الطاقة" للهيئة الوطنية الصينية يجدها انها حددت أولويات عملها منطلقة في البداية من هدف ترشيد استهلاك الطاقة؛ ومن ثم تنويع إمدادات الطاقة؛ وتشجيع ابتكارات تكنولوجيا الطاقة؛ وإصلاح نظام الطاقة والكهرباء على المستوى الوطني؛ وتحسين أمن الطاقة من خلال تعزيز التعاون الدولي.
كما ان قانون الطاقة المتجددة الذي اصدرته الصين عام 2006، وما رافقه من خطط تنموية أدى إلى قفزة في إجمالي مصادر الطاقة النظيفة من 7.5% عام 2007 إلى 15% عام 2020، إلى جانب خطة زيادة الطاقة النووية إلى 40 غيغاوات بحلول عام 2020. لتكون بذلك الصين اكبر مُنتج للطاقة من مصادر الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية وتستحوذ أيضاً على نصف عدد السيارات الكهربائية في العالم.
لقد سمح التطور الكبير الذي حققته الصين في مجال الطاقة النظيفة بالتمدد عالمياً، وذلك من خلال دورها في مبادرة الحزام والطريق الأخضر باعتبارها قوة داعمة في نقل الخبرات الهندسية والبناء وشراء المعدات عالميا . وبهذا الصدد اكدت تقارير وزارة الطاقة الأمريكية على ذلك حيث اشارت ان الصين ضخت استثمارات بأكثر من 47 مليار دولار لـ"فرض الهيمنة" على توريد ألواح الطاقة الشمسية عالمياً، وتوقعت الخارجية الأمريكية أن تنتج الصين 50% من إجمالي الطاقة العالمية من الطاقة الشمسية والرياح بحلول عام 2050.
من جانب آخر ، فقد توسع دور الصين في المنظمات الدولية فعلى سبيل المثال، تقود الصين النقاشات في اجتماعات وزراء الطاقة في مجموعة العشرين فضلا عن دورها في منتدى الطاقة العالمي ووكالة الطاقة الدولية (مع أنها ليست عضوة رسمية فيها).
كما ان الصين كانت مدركة لاهمية استيعاب الاستثمارات في الدول النامية ودمجها والاستفادة منها. لذلك نجد انها ضمنت ستراتيجية عملها في هذا القطاع مساعدة الدول النامية، من حيث الجوانب التقنية والقانونية، لزيادة مساهمة الطاقة الشمسية والرياح في إنتاج الكهرباء.
وقد أكدت تقارير حديثة لوكالة بلومبرغ أن الصين تقود الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة بعد ان أستأثرت لوحدها بنصف المشاريع بقيمة تقدر بنحو 358 مليار دولار، وحلت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بفارق كبير.
ان ما قامت به الصين على أصعدة اقتصادية واستراتيجية ومعلوماتية شكل مصدر قلق كبير لدى الولايات المتحدة الأمريكية وبهذا الصدد اتخذت الولايات المتحدة جملة من القرارات فقد اصدر بايدن أمرًا تنفيذيًا يوجه وزارة الخزانة الأمريكية لتقييد الاستثمارات الأمريكية في الصين في قطاعات التكنولوجيا الفائقة الحساسية، وأعلن بايدن المرسوم قائلًا إنه يعلن "حالة طوارئ وطنية للتعامل مع تهديد التقدم من قبل الدول المعنية في التكنلوجيا والمنتجات الحساسة ذات الأهمية !!!
ورغم القرارات والتحالفات التي تعمل عليها الولايات المتحدة لغرض الحد من قوة الصين في مجال الطاقة ومجالات اخرى ، فان الصراع العالمي الدائر حاليا قد يكون حافزا للتطور والتقدم من قبل دول اخرى وبناء تحالفات اكثر تماسكا للحفاظ على أوبك الطاقة المتجددة ! لكن يبقى السؤال الأهم اين المنظومة العربية من كل هذا ؟
ارسال التعليق