في الحق والعدل

محمد المصباحي

لا يغدو العَدْل إشكالاً، أي موضوعاً فلسفياً، إلّا إذا تحوّل إلى ظلم، أو إذا أوشك أن يصير كذلك؛

 


محمد المصباحي | كاتب مغربي

 

لا يغدو العَدْل إشكالاً، أي موضوعاً فلسفياً، إلّا إذا تحوّل إلى ظلم، أو إذا أوشك أن يصير كذلك؛

وبالتالي فإن الموضوع الحقيقي لصناعة العَدْل هو الظلم، وهو الأمور الخارجة عن حدّ الاعتدال بالتعدّي على حقوق الغير وإلحاق الأذى بهم، أو الإخلال بمبادئ الشريعة أو ممارسة الاحتيال والكذب وانتهاك العقود والمواثيق. من أجل هذا كان الأمر في صناعة العَدْل كالأمر في صناعة الطبّ، فكما إن «الأمزجة الخارجة عن الاعتدال الإنساني هي التي تنظر فيها صناعة الطبّ» لعلاجها بالرجوع بها إلى حال الاعتدال، فكذلك مهمّة صناعة العَدْل هي علاج الظلم بإزالة أسبابه ومظاهره على مستوى الأفراد والدولة. نعم، التناظر الضّدّيّ بين العَدْل والظلم يحكمه مبدأ جدلي ينصّ على «أن لعلم واحد النظر في المتضادَّيْن معاً»، ومن ثمّ لا يمكن النظر في أحد الضِّدَّيْن إلّا من خلال الضِّدِّ الآخر؛ إلّا أنه إذا كان أحد الضِّدَّيْن أظهر من الآخر، يتعيّن إعطاء الأولوية للأظهر لجعله مرشداً لمعرفة الأخفى، والحال أن الظلم أظهر من العَدْل، وهو ما يُوجِب علينا أن نبدأ بالبحث عن حقيقة الظلم، عساها تهدينا لإدراك ماهية العَدْل.
 

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق