غالب الشابندر.. صديقي

د. مجاهد ابوالهيل || باحث عراقي

تعرفتُ عليه من خلال ما تصلني من كتبه ومقالاته قبل ان ألتقيه بأعوام عديدة، ولم يخطر ببالي أن هذا الرجل / الضمير سيكون خلي وصديقيّ وأستاذي ومُعلمي وساقية ضميري الذي كاد أن يجدب من شدة العطش الذي عانيناه أنا وأبناء جيلي ممن أضاء لهم المنفى ظلام أغلب الضمائر الوطنية والسياسية والاجتماعية والاسلامية التي تسرب منها الوطن والإسلام والمبادئ السياسية والمنظومة الأخلاقية بمجرد اكتشافها.

 

د. مجاهد ابوالهيل   /   شاعر عراقي

تعرفتُ عليه من خلال ما تصلني من كتبه ومقالاته قبل ان ألتقيه بأعوام عديدة، ولم يخطر ببالي أن هذا الرجل / الضمير سيكون خلي وصديقيّ وأستاذي ومُعلمي وساقية ضميري الذي كاد أن يجدب من شدة العطش الذي عانيناه أنا وأبناء جيلي ممن أضاء لهم المنفى ظلام أغلب الضمائر الوطنية والسياسية والاجتماعية والاسلامية التي تسرب منها الوطن والإسلام والمبادئ السياسية والمنظومة الأخلاقية بمجرد اكتشافها.

غالب الشابندر، أبو عمار. ضمير متصل بالوطن كما يحلو لي أن أُسميه، يزورني أو يهاتفني كل يوم ليسأل عني ويتفقدني كواحد من أبناءه، تعلمت منه الكثير ولا أبالغ لو قلت أنه زرع الزهد بداخلي بكثير مما كنت أسعى إليه، لدرجة أن طموحي عصفت بأشرعته رياح الشابندر وتغيرت وجهته إلى مناطق لم أصل لها من قبل، أصبحتُ أتهجى أل(لا) ودلالات الرفض على يديه.
يخاف عليّ كثيراً من علاقتي به لإعتقاده أن هذه العلاقة ستجعلني محارباً من الأقوياء الذين لم يسلم واحد منهم من سياط لسانه ورقابة ضميره المتربص بأبناء جيله.

مرة حاولت أن أُنصف الشابندر وأورطه بفرصة عمل توفر له حياة مالية أفضل مما هو عليه، بعد أن تسلمتُ رئاسة شبكة الإعلام العراقي، عرضتُ عليه أن يساعدني في مهمتي الشاقة التي تحتاج إلى عقل منفصل يُعينني بتقديم أفكار جديدة تخدم الشاشة وتخرجها من رتابتها التي عانت منها منذ تأسيسها بعد 2003، رحّب بالفكرة على الفور واتفقنا أن يكون مستشاراً سياسياً لشبكة الإعلام العراقي مهمته تقديم الافكار وتأصيل الخطاب السياسي الوطني، في اليوم التالي وجهتُ الدائرة الإدارية بتنظيم عقد عمل طرفه الثاني غالب الشابندر بمبلغ يسيل عليه ولهُ لعابُ الكثيرين، كما أخبرتُ رئيس مجلس الوزراء آنذاك الدكتور حيدر العبادي بالأمر، أجابني العبادي على الفور بأن الشابندر لن يقبل بذلك، قلتُ له لقد قَبِلَ وتم الاتفاق معه وسيزورني اليوم لتوقيع العقد.
وصل أبو عمار لمكتبي حسب الموعد الذي اتفقنا عليه وقدمتُ له نسخة من العقد لتوقيعه بعد أن وقعتُ عليه كطرف أول، وبعد أن قرأ الفقرة المالية رمى العقد وكأنه يُبعد قنبلة تكاد تنفجر بين يديه وقال لي لا أعمل مقابل راتب شهري كنت أنوي مساعدتك فقط دون مقابل خدمة لك وللوطن، بعدها انفرط كل شيء وبقي الشابندر يجوب الشوارع والأزقة بحثاً عن الفقراء.

يكتب ويقرأ بشراهة ونهم ٍ لم يعتدهما كاتب بعمره، لدرجة أنه اصدر عشرات الكتب المهمة في أكثر من موضوع خلال الأعوام الأخيرة، قدّم قراءة جديدة للتفسير القرآني وحفر في التاريخ الإسلامي كما لم يغادر مسوحاته للجسد الذي كتب عنه مجلدات مهمة لم يجرؤ باحث إسلامي على تناولها.

الشابندر الذي مازال طفلاً رغم تخطيه السبعين، حساس حد الرهافة وقاس ٍ كسيف، ثري بقناعته وفقير حد التسول لسد حاجة الآخرين بعدما أطلق نظرية "رياء من أجل الفقراء" التي عالجت مشاكل الفقر أكثر من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

كل هذا وأبو عمار يمارس حياته اليومية مع البسطاء وباعة الشاي وأصحاب البسطات في شوارع الكرادة والسعدون، بالإضافة إلى ظهوره اليومي على شاشات التلفزيون التي حولته إلى نجم إعلامي أكثر بريقاً وحضوراً من مقدمات ومقدمي البرامج الذين يحاورونه.

 

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق