أم كلثوم تنضم لسناب چات
هدى العلي| كاتبة عراقية
في عصر التيك توك والسناب چات، في عصر الأنستكرام واليوتيوب تنبعث كوكب الشرق من بين ملايين الأغاني على مختلف أنواعها لتعلن هيمنتها الصوتية على آذان كُل من يستلذ بالأستماع إلى الموسيقى العربية.
لطالما راودتني فكرة أن كانت أم كلثوم(الست) تعيش في عصرنا، عصر النسيان و السرعة، عصر الذين ليسوا (على قد الشوق) و الذين ليست (قلوبهم على قد عذابه).
أكانت الجماهير ستتساقط أمام خشبة المسرح صارخة (الله يا ست)..(عظمة على عظمة يا ست)
أكانت الجماهير ستجلس لثمانِ ساعات دون أن ينقطع شغفها بهذا الصوت ولا حتى للحظة واحدة.
أكُنا سنكون جمهور أم كُلثوم الذين يُطلقون تأوهاتهم بين الألحان والقصائد الكُلثومية بعد كُل قفلة من قفلات الطرب.
أكانت أم كُلثوم ستكونُ أم كلثوم.
لطالما أرتبطت فكرة أم كُلثوم لدي بالأمهات، فقد وعيتُ وكانت والدتي تستمع وتستمتع بدرجات السلم الموسيقى التي تتفنن بتأديتها هذه الست.
فأنا اليوم لستُ أتصور فكرة أن تكون أحداهنَّ أماً دون أن تتعرف على مواطن الحلاوة بصوت أم كلثوم. ودون أن تورث اولادها خزائن كنوز الذوق الموسيقي.
أيُمكن أن يكون العاشق عاشقاً دون ان ينتشي عبق فلسفة أم كلثوم؟
أن يقتحم هاتفي مقطع صوتي على مواقع التواصل لأغنية أم كلثوم وكأنه يصلني اشعار يخبرني (أن ام كلثوم أنضمت الى سناب جات) أو (أم كلثوم رفعت مقطع فيديو على يوتيوب) أضغط على زر سبسكرايب وأعجاب قبل المشاهدة.
صوت أم كلثوم صوت صوفي بحت، يمكنها أن تلامس أعمق نقطة من روحك من خلال الشجن الصوفي المنطلق من بين آهاتها.
قادرة أن تجعلك مُتحداً مع الكون بكيان واحد، أن تُحلق على ظهر جوقة ملائكية نحو الطرب. وكأنها تفرض وجودها رغم الموت الذي باغتها قبل أكثر من خمسين سنة.
جمعت بين صوت الذكورة والأنوثة، بين العاطفة والقوة، بين الأحساس والجرأة، بين اللحن المُتراقص على شفتيها والجبروت المتوسد منديلها وهي تقول
-(عايزنا نرجع زي زمان، قل للزمان ارجع يازمااااان)..
اليوم وخلال هذه اللحظة يمكننا أن نعيد الزمان ونستمع لأم كُلثوم في كُل حين.أم كُلثوم هي آلة السفر عبر الطرب.
من الأمور التي تجعلني ممتنة لكوني أعيش بهذا العصر هي قدرتي على الأستماع لأم كلثوم بالوقت الذي أُحب.
أن أم كلثوم كانت ولازالت لنا أجمل حكاية في العُمر كُله..
ارسال التعليق