من المسؤول عن اغتيال الطفولة

أي ازدواجية تلك التي نعيشها .. نلعن قاتل الحسين (ع) ، ونشخصه بالاسم كي نبرئ أنفسنا التي يعشش بها القتلة على اختلاف ألوانهم وأزمانهم ، فهم في روضة أنفسنا يرتعون ، وتحت غطاء ألف مسمى يتكاثرون ، في أعماقنا الحسين والشمر كما قال الرومي “إن موسى وفرعون في وجودك، ينبغي أن تبحث عن هذين الخصمين في وجودك” ليس المشكلة في وجود الخصمين ، فنحن بشر ، ومن طبيعتنا البشرية هو هذا الاستعداد لأن أكون فرعون وموسى ، والحياة رحلة تتماوج فيها الحالتين ، ونحن بينهما نجهد ساعين للوصول إلى بر الأمان .

 

د. منى الصالح  /  كاتبك عراقية

أي ازدواجية تلك التي نعيشها .. نلعن قاتل الحسين (ع) ، ونشخصه بالاسم كي نبرئ أنفسنا التي يعشش بها القتلة على اختلاف ألوانهم وأزمانهم ، فهم في روضة أنفسنا  يرتعون ، وتحت غطاء ألف مسمى يتكاثرون ، في أعماقنا الحسين والشمر كما قال الرومي “إن موسى وفرعون في وجودك، ينبغي أن تبحث عن هذين الخصمين في وجودك” ليس المشكلة في وجود الخصمين ، فنحن بشر ، ومن طبيعتنا البشرية هو هذا الاستعداد لأن أكون فرعون وموسى ، والحياة رحلة تتماوج فيها الحالتين ، ونحن بينهما نجهد ساعين للوصول إلى بر الأمان .
المشكلة تكمن في حصر المفهوم بمصداق واحد أو شخصنته  باسم معين هو تحايل نفسي لإخراج أنفسنا من دائرة الاتهام ، والركون لمربع الراحة حيث أننا ضمن الفئات المبشرة بالجنة ، ما أسهل  أن نبكي ونقضي الليل في الدعاء والصلاة ، ونصبح نحمل على أكتافنا شعارات المظلومية ونلعن الظالمين وقتلة طفله الرضيع ،ممسكين بمسبحة نفتتح يومنا بألف لعنة تنزل على حرملة ونختمه بألف تتبعها على عمرو بن سعد الذي قتل القاسم الفتى الصغير .. ومابينهما نمر على الأسواق والمقابر.. حيث الطفولة تنتحب ، الإنسانية تتألم ،، مريم والزهراء تبكي ،، الشيطان ، فرعون ، حرملة يصفق منتشيا وراقصا .
أطفال بعمر الزهور بدل أن ياخذوا أماكنهم على مقاعد الدراسة .. ينبعثون من حيث لاتدري ، ياخذك الواحد منهم بذكاء حيث يجعلك تشارك بجريمة شنعاء ( لا يأخذك الخيال بعيدا ، فأنا أراني وقد أخرجت القليل من المال لمساعدته هي إسهام في حقيقته بانتشار هذه الظاهرة ) .
هو نفس السهم الذي رمى به حرملة الطفل الرضيع ، نحن حين نشخص ونربط الموقف بمصداق واحد يصبح حاجزا عن وضوح الرؤية والبصيرة ، حيث تغتال الطفولة وأن تعددت المسميات ، المفهوم واحد ،والمصاديق متعددة  وكلها في أعماقنا .
كل هذه المشاعر تصارعت في أعماقي في صبيحة يوم الجمعة  في زيارة إحدى المقابر  حيث استقبلني طفلان في غاية الجمال والذكاء ، لأجد نفسي وسط ثلة كبيرة من الأطفال المتسولين ، ولنا أن نتخيل كم من السيناريوهات وراء ذلك …
هاهنا في بلد يرتفع لعن حرملة في الليل النهار ، وعلى الطرقات تسرق أحلام الطفولة ،، يستلب الطهر ، وتغتال البكارة ،وتنتحب الأمنيات ..
هاهنا تباع أحلام الصغار بثمن بخس عند أطراف دموع الباكيات،
نكفكف الحزن صمتا ، ونلملم أوجاع الجياع لنصنع منها نعشا لكل آيات النفاق …
فمن المسؤول عن كل هذا ؟؟؟؟!!!
أليس فرعون القابع في أعماقنا ؟!

 

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق