الرواية التفاعلية الرقمية بين السرد التقليدي والتقنيات المعاصرة
عبد الكريم حمزة عباس
عبد الكريم حمزة عباس/باحث عراقي
الرواية التفاعلية هي عبارة عن نص أدبي الكتروني تشعبي ( hypertext ) يتم فيه توظيف التقنيات الرقمية الحديثة والبرامجيات الحاسوبية التي تسمح بربط النص اللغوي بالامكانيات التقنية المتمثلة بالصور والالوان والموسيقى والحركة والصوت والتقنية الفنية السينمائية والروابط الخاصة بشبكة المعلومات ( internet links)، وهي جنس أدبي رقمي حديث يجمع ما بين الأدب والتقنيات الرقمية المعاصرة، مع العلم أنه لا يمكن للقارئ قراءة هذه الرواية والتفاعل معها الا الكترونيا ومن خلال شاشة إلكترونية رقمية.
إن إنتاج النص الرقمي لا يتحقق من خلال جهد جهة واحدة فقط مثل الكاتب أو القارئ بل هو يحتاج إلى فريق عمل من التقنيين المحترفين في اختصاص إنتاج النص الأدبي الرقمي والى خبراء في التقنيات الرقمية الصورية والسمعية والحركية والفيديوهات وغيرها.
بعض الأحيان الروابط الخاصة بشبكة المعلومات( internet links) والتي تكون ضمن النص الأدبي الرقمي لا تصل القارئ إلى بؤرة تفاعلية مع النص نفسه بل تعطل هذا التفاعل إذا استمر القارئ في تتبعها.
إن التقنيات الرقمية الحديثة المستخدمة في النص التفاعلي ( interactive text ) تحتاج إلى خبرة عالية وآلية معقدة للتوليف والابتكار لأن أي خلل في هذا الجانب قد يخرج القارئ من التفاعل مع النص التفاعلي الرقمي.
ومن محاولات التجريب في الرواية العربية خلال العصر الرقمي الحالي ظهور الرواية التفاعلية الرقمية حيث لم يعد مسار السرد فيها خطيا وثنائي البعد بل تجاوز ذلك إلى إلى مسارات أكثر تشعبا باعتباره جزءا من النص التشعبي الرقمي ( hypertext ) فأصبح للعلامات غير اللغوية دورا مهما في تقديم متن الرواية التفاعلية الرقمية بحيث امتزجت اللغة بالحركة والصوت والتقنيات الأخرى ولم تعد الكلمة هي العنصر الوحيد الفعال كما هو في السرد الروائي التقليدي، ولا يمكن فصل مكونات السرد الرقمي عن بعضها، كما أن المتلقي في هذه الحالة تحول من قارئ سلبي مستهلك للنص إلى مشارك في بناء النص التفاعلي ومنتج جديد له.
الرواية التفاعلية الرقمية ببساطة هي نمط جديد من الفن الروائي يقوم فيه المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص التشعبي الرقمي والذي يسمح بالربط بين النصوص سواء كانت نصا كتابيا أم صورا أو أصواتا عبر روابط الكترونية باللون الأزرق( links ) تقود القارئ إلى ما يشبه الهامش في النص الأدبي الورقي التقليدي..
ومن الأعمال الريادية العربية في الرواية التفاعلية الرقمية هي محاولات الكاتب ( محمد سناجلة ) حيث قام بنشر رواية تفاعلية رقمية عام 2001 بعنوان ( ظلال الواحد ) والتي وظف فيها الكاتب الروابط التشعبية، ثم قدم رواية تفاعلية رقمية أخرى عام 2005 بعنوان ( شات ) وهي رواية تم فيها توظيف الصورة والصوت والالوان والكلمة ثم أصدر رواية تفاعلية رقمية أخرى بعنوان ( صقيع ) عام 2006.
وأمام هذا التسارع التقني الرقمي و توظيفه في الرواية التفاعلية الرقمية ظهرت عدة إشكالات بعضها يتعلق بمستوى البناء السردي وبعضها الآخر يتعلق بالمستوى التقني الرقمي الضعيف للقارئ العربي المعاصر، كذلك قلة خبرة الكاتب العربي في تقنيات توظيف النص رقميا منها نوع البرامجيات الحاسوبية التي تتيح له تقديم نصه بشكل واضح ومفهوم للمتلقي، بالإضافة إلى أن الرواية التفاعلية الرقمية لا يمكن تقديمها عبر الورق لانها ستفقد جزءا مهما من بناءها، أي لا يمكن طبعها على الورق مثل الرواية التقليدية العادية.
وبشكل عام لم تلق الرواية التفاعلية الرقمية العربية لحد الآن ما لاقته مثيلتها في الغرب لعدة أسباب منها ضعف تكوين الروائي العربي في المجال الرقمي وعزوف المتلقي العربي عن تقبل هذا النوع من الروايات لعدم اقتناعه بالانصهار في العملية الرقمية وتقبل النتاج الجديد والتفاعل معه وتطوير أدواته القرائية الحديثة.
والموضوع طويل وشائك ويحتاج إلى وقفات أدبية أخرى.
ارسال التعليق