مام جلال .. كردي بزي وطني

 

ولد جلال الطالباني يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1933 في قرية كلكان على سفح جبل كوسرت المطلة على بحيرة دوكانفي محافظة السليمانية العِراقية، مكتسباً صلابة الجبال وصمودها، ويعرف عند الكرد باسم «مام جلال» أي «العم جلال» وذلك لذكائه وقدرته القيادية.

تميز مام جلال بحكمته السياسية ودهائه ليتحول من زعيم كردي الى مرجع سياسي اجتاح الفضاء الوطني طوال فترة حكمه للعراق. 
حفظ مام جلال كل ما كتبه شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري عن ظهر قلب حتى لُقب براوية الجواهري، بعد ان نافسه في انتخابات أول نقابة للصحفيين العراقيين ليحصد أصوات الناخبين بعد الجواهري ويصبح عضواً بارزاً في النقابة.

أكمل الدراسة الثانوية في كركوك عام 1952م وثم دخل كلية الحقوق في بغداد عام 1953،لكنه اضطر لترك الدراسة في عام 1956 هربًا من الاعتقال بسبب نشاطه في اتحاد الطلبة الكردستاني. 
وفي يوليو / تموز 1958، بعد الإطاحة بالملكية الهاشمية العراقية، عاد طالباني إلى كلية الحقوق وتابع عمله كصحفي ومحررًا لمجلتي خابات وكردستان، وبعد تخرجه عام 1959 اُستدعي لتأدية الخدمة العسكرية في الجيش العراقي حيث خدم في وحدتي المدفعية والمدرعات، وكان قائدًا لوحدة المدرعات.

أصبح عضوًا في الحزب الديمقراطي الكُردي عام 1947م، وتميز بنشاطه وكفاءته في أداء الواجبات والمهمات الحزبية التي كان مكلفًا بها، وعندما اندلع التمرد الكردي ضد حكومة عبد الكريم قاسم في سبتمبر/أيلول 1961 كان الطالباني مسؤولًا عن جبهتي القتال في كركوك والسليمانية.
وفي منتصف الستينيات تولى عدد من المهام الدبلوماسية التي مثّل فيها القيادة الكردية في اجتماعات أوروبا والشرق الأوسط، وعندما انشق الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1964 كان الطالباني عضوًا في مجموعة المكتب السياسي التي انفصلت عن ملا مصطفى بارزاني قائد كتيبة القضية الكردية. 
وفي عام 1975 عقب انهيار الثورة الكردية، أسس الطالباني مع مجموعة من المفكرين والنشطاء الأكراد الاتحاد الوطني الكردستاني ليكون زعيما لها طوال حياته.
وفي عام 1976 بدأ تنظيم المعارضة المسلحة داخل العراق، وخلال الثمانينات قاد المعارضة الكردية للحكومة العراقية من قواعد داخل العراق إلى أن قام صدام حسين بحملته العسكرية المسماة بالأنفال لسحق هذه المعارضة في 1988. 
ومع ذلك سعى الطالباني لتسوية تفاوضية للتغلب على المشاكل التي اجتاحت الحكومة الكردية، بالإضافة إلى حقوق الأكراد، وقد استفاد هو ومسعود بارزاني من خسارة الجيش العراقي في حرب الخليج الثانية عام 1991م بإقامة إقليم كردي شبه مُستقل في شمال العراق، وبعد حرب الخليج الثانية وانتفاضة الأكراد في الشمال التي قابلتها الانتفاضة الشعبانية في الجنوب، ضد الحكومة الديكتاتورية، وإعلان التحالف الغربي مناطق حظر الطيران مما شكّل ملاذًا للأكراد، وقد بدأ التقارب بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني. ونظمت انتخابات في إقليم كردستان في شمال العراق، وتشكلت عام 1992 إدارة مشتركة للحزبين، غير أن التوتر بين الفصيلين أدى إلى مواجهة عسكرية بينهما عام 1996، انتهت بتوقيع البارزاني والطالباني اتفاقية سلام في واشنطن عام 1998م، بعد جهود أميركية حثيثة وتدخل بريطاني، وبعد الغزو الاميركي للعراق، دخل الطالباني والبارزاني العملية السياسية في العراق وشغلا مواقع قيادية بارزة، وشغل الطالباني منصب رئيس العراق.
وانتخب البرلمان العراقي في نوفمبر / تشرين الثاني 2010م الطالباني، رئيسًا للعراق في ولاية ثانية.

عانى الطالباني في السنوات الأخيرة من حياته من مشاكل صحية، حيث أدخل إلى مدينة الحسين الطبية في الأردن في 25 فبراير /شباط 2007 بعد وعكة صحية أصابته، وأجريت له عملية جراحية للقلب في الولايات المتحدة في أغسطس/آب 2008، وفي نهاية عام 2012 غادر العراق للعلاج في ألمانيا من جلطة أصيب بها ودخل على إثرها في غيبوبة، وكان قبل ذلك يتلقى العلاج في مدينة الطب في بغداد على يد فريق طبي مُختص، ومكث هناك في ألمانيا نحو عام ونصف حتى عاد للعراق في يوليو/تموز 2015، وخلفه فؤاد معصوم في رئاسة الجمهورية.
في يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017 الموافق 13 محرم 1439 هـ أعلن التلفزيون العراقي الرسمي، خبر وفاة رئيس الجمهورية العراقي السابق جلال الطالباني، وجاء في خبر عاجل بثه التلفزيون العراقي «رحيل رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني».
وقد توفي في مستشفى بالعاصمة الألمانية برلين حيث يتلقى العلاج.
وذلك عن عمر يناهز الرابعة والثمانين عن مرض عضال والذي عانى منه طوال 5 سنوات.

message.Client.related_iraqipalm