فلتسقط المؤامرة!!

حسين العادلي / باحث عراقي

• ما أبسط القول بمنطق المؤامرة، وما أخبثه!! فيكفي أن تقول بوجود مؤامرات خارجية لتُريح وتستريح، أو لتبرر وتمرر، أو لتوظف وتستثمر!!

 

• ما أبسط القول بمنطق المؤامرة، وما أخبثه!! فيكفي أن تقول بوجود مؤامرات خارجية لتُريح وتستريح، أو لتبرر وتمرر، أو لتوظف وتستثمر!! 
وما أَيْسَر أن تصف كل ما جرى ويجري من انهدام دول وتمزّق مجتمعات، وهذه الفتن المتكثرة على أساس العرق والمذهب والقبيلة والحزب، وهذا الفشل المُهين والفساد المُخزي.. ما أيسر وصفها بالمؤامرات!!.. لنبقى نردّد ونردّد؛ فلتسقط المؤامرة!!

• هل أنفي المؤامرة؟ كلا، بل أؤكدها، فأنا أعتقد بأنَّ تاريخ الدول سجّل مؤامرات، فالمؤامرة هي فن تحقيق المصلحة، والمصالح على تنوعها هي البوصلة المُحدِدة لمسار التاريخ لا الأيديولوجيات أو القيم أو الشعارات. المؤامرات موجودة وستبقى، هي جزء من حرب المصالح التي لا تتخلى عنها دولة، هي حرب تتموضع حسب متغيرات موازين القوى والقدرة والفرصة والهدف، وليس هناك دولة لا تتحرى مختلف الوسائل الدفاعية والهجومية بما فيها التآمر لتحقيق مصالحها على تعدد مصاديق المصالح السياسية الإقتصادية الأمنية الثقافية.

• واهم أو مسوّق لأجندة مَن ينفي وجود المؤامرات حتى على الدول الصلدة والمتقدمة نفسها فضلاً عن الدول المهلهلة والرخوة والفاشلة، فالمشهد على حقيقته يقول أنَّ الكل يتآمر ضد الكل لأجل المصالح، وهذه هي إحدى حقائق التاريخ. 
لكن مهلاً، هل يعفينا القول بوجود مؤامرات ضدنا من تحمّل مسؤولية انهيار أممنا ودولنا، وما هو دورنا كحكام وكنخب وكأحزاب وكمجتمعات في الفشل ببناء وإدارة دولنا لنتعلل بالمؤامرات الخارجية فقط وفقط؟! فهل أنتجنا مجتمعات حديثة متضامنة خلاّقة قادرة على مواجهة الفتن والتشظي والتراجع والاستلاب؟ هل أنتجنا دول العدل والحقوق والمشاركة والرفاه والسيادة لتكون منيعة أمام كيد المتآمرين؟ لماذا نعفي أنفسنا فلا قصور ولا تقصير تجاه هذا الكم المخيف والكيف المريع من الفوضى والخراب والفتن والفشل؟!

• مَن نحن؟ نحن –بأسفٍ وألم- مجتمع العصبيات المذهبية القومية القبلية المناطقية الغارقة في هوياتها على حساب الهوية الوطنية الكلية، فشلنا بإنتاج دول المواطنة فأنتجنا دول القوميات والمذاهب المحتكرة للسلطة والقامعة للآخر المختلف عرقاً أو طائفة أو مذهباً سياسيا، فشلنا بخلق أمّة الدولة فتضخمت لدينا الهويات الفرعية التي تتصارع إمّا لابتلاع الدولة أو للإنفصال عنها،.. فشلنا بالتعايش والوحدة لأننا أسرى عصبيات وعصبويات تكفّر وتخوّن الآخر، نجحنا بانتاج دولة المكوّن والحزب والقرية والقائد الضرورة ولم ننتج دولة الجمهور والمدنية والمؤسسة،.. لقد أنتجنا مسمى دول، كيانات سلطة تحتال على الدولة باسم الدولة لتقضي على الدولة،.. وبالنتيجة فشلنا بانتاج مجتمعات موحدة ودول عادلة وسلطات كفوءة قادرة على الحكم الرشيد والفعّال، فتعددت لدينا الهويات والسلطات والمصالح ومراكز القوى لتتصارع على الدولة وفي الدولة، لتكون الدولة على طول الخط لقمة سائغة للمغامرين والمتنطعين والمتآمرين، وما أكثرهم.

• الدول القائمة على أساس من الإستبداد والفوضى والتخلف والفساد والعنف، والنخب والقوى المتصارعة لأجل السلطة وحول الإمتياز، والأنظمة والسياسات المتخلفة عن مواكبة التطور والحداثة..الخ، هكذا دول ومجتمعات إنما تحمل جرثومة الخراب في أحشائها سواء كانت هناك مؤامرات أم لم تكن.

• يا سادة: إن كنّا نريد إفشال المؤامرات، فلننتج دولة العدل والقانون والتنمية والرفاه، عندها سنصبح فاعلين لا مفعول بنا على طول الخط.. فنندب حظّنا، ونبقى نردّد "فلتسقط المؤامرة"!!

مقالات ذات صلة

ارسال التعليق