الفرق بين القصة القصيرة والرواية
أحمد البياتي
أحمد البياتي/كاتب عراقي
القصة فن أدبي عالمي قديم جداً، وقد وُجد عند معظم الشعوب والأمم قبل الإسلام، وخصوصاً عند حضارات الروم، والفرس، كما احتوى القرآن الكريم على العديد من قصص الأمم السابقة، والقِصَّةُ في اللغة هي عبارة عن حكاية مكتوبة مستمدة من الواقع أو الخيال أو من الاثنين معاً، وتكون مبنية على أسس معينة من الفن الأدبي، وجمعها قِصَص، والقصة بمفهومها المعاصر هي تسجيل لما يحدث في فترة معينة من الفترات، سواء كانت أحداثاً كثيرةً أم حدثاً واحداً، وتكون هذه الأحداث قد تركت أثراً في نفس الكاتب؛ الأمر الذي دفعه إلى كتابتها، وقد تكون هذه الأحداث واقعةً خلال فترة طويلة فتشكل ما يسمى بالرواية، أو فترة زمنية متوسطة فتشكل ما يسمى بالقصة، أو تكون الفترة قصيرة فتشكل ما يسمى بالقصة القصيرة. وتحتوي القصة على حوادث نقلها الكاتب من الحياة الواقعية ونسقها بشكل فنيٍ وأدبيٍ وبطريقةٍ تميزه عن غيره من الكتاب الآخرين، اذ أن بعض الأحداث المذكورة في بعض القصص تكون مُختلَقةً ومن نسج الخيال مع عدم خلوها من دلالات تمس الواقع بشيء ما، كأن يخترع الكاتب أحداثاً وشخصياتٍ ليرسم صورة مستقبلية لأمور واقعية لا يمتلكها الأفراد، أما براعة الكاتب فتكمن في عرض الأحداث وتنسيقها لتقديم قصة تتسلسل أحداثها بطريقة تجذب القارئ لها، ولتتماشى الأحداث والشخصيات مع الغاية التي يرجوها الكاتب من تأليفه لتلك الرواية أو القصة، وتصف القصة مرحلةً معينة من مراحل الحياة تبدأ بنقطة معينة وتنتهي عند نقطةٍ أخرى وبشكل تفصيلي سواء كانت هذه المرحلة متعلقة بشخص واحد أو عدة أشخاص. هناك عناصر أساسية يجب أن تتوفر في القصة القصيرة؛ مثل الفكرة و النمط، ووجهة النظر، والحبكة والحدث والضبط والمقصود به هو معرفة الوقت، والمكان الذي تحدثُ فيه أحداثُ القصة، مثل الموقع الجغرافيّ، وحالة الطقس، والزمن أو التاريخ، والوضع الاجتماعي للشخصيات، والمزاج أو الجو العام الموجود في القصة. اما الحبكة فهي كيفية تسلسل الأحداث في القصة حتى تبنى اللبنة الأساسية للفكرة، وتحتوي القصة القصيرة على حبكة واحدة فقط، ومن عناصرها الأساسية ايضا المقدمة، وتسلسل الأحداث من أولها حتى الوصول إلى النتيجة النهائية، أو الفكرة الرئيسية المطروحة في القصة. نقطة الصراع يعتبر هذا العنصر أساسياً لعنصر الحبكة؛ إذ بدونه لا توجدُ حبكة في القصة لأنّها تربط الأحداث ببعضها، وتحرك حبكة القصة كلها، ويوجد عنصران أساسيان لها؛ وهي نقطة الصراع الخارجية التي تشكّل صراع الأحداث خارج الشخصيات، والصراع الداخلي الذي تشعر به الشخصية؛ مثل الصعوبة في اتخاذ قرار، أو مقاومة الرغبة لعمل شيء معيّن، والتغلّب على الألم، وغيرها من الصراعات المتشابهة. والمقصود بالشخصيات هنا هي التي تكون موجودة في القصة، أو خصائص الشخصية الموجودة في القصة؛ مثل مظهره الخارجي، أو مشاعره ومعتقداته، وأفكاره، أو رأي الآخرين عنه. وتاريخ القصة القصيرة ظهر في منتصف القرن التاسع عشر في أمريكا وروسيا، ثم ظهر بعد ذلك في انجلترا وفرنسا وغيرها، حتى انتشر وازدهر، وتعددت اتجاهته في القرن العشرين فكثر كتابه، ونقاده.. أما الفرق بين القصة القصيرة والرواية فيظهر الفرق بينهما جلياً حيث إنّ القصة القصيرة تتناول قطاعاً عرضياً في الأحداث، بينما تناول الرواية قطاعاً طولياً من الحياة أمّا من حيث الزمان فإن الرواية تتوغل بشكل كبير في أبعاد الزمان، ولكنّ القصة القصيرة أقرب إلى التوغل في أبعاد النفس من التوغل في أبعاد الزمان.
ارسال التعليق